سحب

 

سُحب .. 


كانت تتشكل أوجهاً ،وحيوانات ، وشجراً 

بيوتاً ،وعيون أمهاتٍ ، فرساناً قدماء ، وفتيات 

مراجيح، وابتسامات..


كنت أراها قصيدة لم تكتمل 

فرّت من دفاتر شاعر قديم 

من بين أوراقه المتبقية في خزانته السرية 

فرت قبل أن يرميها الناس 

إلى سلة المهملات ..


الأطفال رأوها حلوى 

حلوى كالحلم 

حلوى لم تتحقق لهم ذات مرة 

وهاهي تلوح لهم من السماء ..


الفتيات رأوها فستاناً للرقص 

فستاناً مضى به العمر 

وهو يضيق ويتوسع 

في دولاب الأحلام 


كانت وبكل نبلٍ 

تتشكلُ ظلاً لغريبٍ يمشي في طريق طويل 

تتشكل دون أن يعرف سر هذه النسمة ..


وكانت تتشكل لروح قاسية 

كمتاريس ودروع 

تحارب عن بعد ضراوة الحياة ! 


كانت تتشكل ناصعة كالحقيقة 

أو مجردة من المعنى 

ضوءاً للتائه 

وتجريداً للفنان 

حضناً للعاشق 

وأسفاً للعبيد 

قطناً كما يراها شخص لايعرف الشعر 

وهلاماً خاماً كما تراها الكيمياء ..


كانت تفشي طغيان اللون الأزرق 

على السماء 

تمنحنا أن نتساءل بشغف : 

يمكن أن نعتلي سحابة ؟

وتصنع فينا خيالات صغيرة 

خيالات سرعان ما نتخلى عنها 

مع أول خيبة على الأرض 


كان قطيعاً أبيض 

في كل يوم يتشكل من جديد

في كل يوم يجرب أن يكون أسيراً 

لكنه سرعان ما يشعر بالأسف 

يقرر أن ينعتقُ حراً 

في لونٍ آخر 

وعندما لا يستطيع 

ينتحر ببطءٍ على سفح جبل 



محمد خضر 

*من المجموعة الشعرية " سيرة ذاتية لغيمة " 

تعليقات

الأكثر قراءة