محمد خضر في ديوانه الأخير “منذ أول تفاحة”: التقاطات يومية
في زجاجة خل التفاح
المفتوحة من زمن
على سطح الثلاجة
التي كتب على إحدى جوانبها
قد تكون المواد المحفوظة قابلة للفساد
إذا ترك الباب مفتوحا”
يكتب الشاعر السعودي محمد خضر ديوانه الأخير “منذ أول تفاحة” بجناح فراشة رهيف، وشجىً راسخ وأصيل، إذ يعتمد على التقاطات يومية جارحة وتفاصيل مهملة يدفعها إلى السطح ويتركها، هكذا، دون معالجة، متعمداً أن لا يلبس الترف اللغوي وهو شاعر قادر على ذلك، جانحاً بذلك نحو نص مليء بالصور لا الزخارف.
صورة العائلة
تلك التي التقطها المصور
في أواخر السبعينات
كانت أمي تسيل حناناً على الأبناء
بينما البناتُ بضفائرهن الثنائية
ينظرن إلى بعضهن
بعيداً عن عدسة الكاميرا
الصورة التي تركت لأعوام عديدة
بجانب النافذة
ثم انتقلت من غرفة إلى غرفة
حتى اختفت تماماً في سحارة العائلة
الديوان الذي يقع في 72 صفحة، يمثل وجبة شعرية كاملة، تامة المتعة، وسط أجواء تخص خضر وحده، ويفرضها على قارئه بصوت واثق رغم هدوئه إيماناً منه بسطوة اللغة وديكتاتوريتها.
مطالع نصوص الديوان خبرية في معظمها، يقررها خضر ويمنحنا إياها جاهزة الجمال والتصوّر. يقول في نص “بطولة”:
الفلمُ الذي يحكي قصةَ بطلٍ نبيل
ينقذ حبيبتهُ من الأسر
الفلمُ الطويل والشيق
الذي أختفى أبطاله
مع حفنة كومبارس
خلف جذع شجرة ضخم
حينما قبّل البطل حبيبته على مرأىَ من المخرج وحاملِ الكاميرا
….
الفلم الذي تقررَ فيما بعد ألا يعرض على أي قناة
ألا يكتملَ ولا يحتسب عملا جيدا
الفلم الذي أنتهى بعبارة ” تعال ..أجلس وأقترب مني “
كان أجمل الأفلام التي لن نراها إطلاقاً.
مجلة 24 ساعة
تعليقات
إرسال تعليق