مؤقتاً.. تحت غيمة – 2002- لمحمد خضر

 


مؤقتاً.. تحت غيمة – 2002- لمحمد خضر

 أحمد الواصل

    «بين القارئ الرجعي والشاعر الرجعي حلف مصيري. هناك انسان عربي غالب يرفض النهضة والتحرر النفسي والفكري من الاهتراء والعفن، وانسان عربي اقلية يرفض الرجعة والخمول والتعصب الديني والعنصري، ويجد نفسه بين محيطيه غريبا، مقاتلا، ضحية الإرهاب وسلطة الجهل من غوغائية النخبة والرعاع على السواء».

أنسي الحاج٭

يطرح الشاعر محمد خضر، في مجموعته الشعرية الأولى: «مؤقتا.. تحت غيمة – 2002» (1)، بيانه الشعري ضمنيا ومقترحه النصي لقصيدة النثر بين الإتباع والإبداع، ولكون تناولي اياه لن يكون معزولا عن قراءة لفتت نظري اليه مسبقا (2) وهي حافز ضمني الى الكتابة عنه في هذه المقالة التي سوف تحرف احدى طرق قراءة نصوصه الشعرية عبر ما يتجلى من موضوعات او ثيمات شعرية خارج مالا يزال ينتظر من فهم قصيدة النثر شكلا شعريا مقترحا وصلة بالموروث الشعري او المفهوم النقدي حياله الذي يتذرع بما هو غطاء لعجز نقدي او امتناع اعتراف بجمالية هذا النص كما اعترف سابقا، على جهل محايثة تكوينية وحالية بالشفوي والكتابي، كما توحي به كثير من النصوص على مر التجربة الشعرية العربية في تحولات مريرة، كان على النقد ان يتحملها متبركا بها كما يمكن ان تتيح تلك الانقطاعة الاجتماعية في ذاكرة شعرية عربية تنسى عقيدة اصولها وتأنف مكابرة او جاهلة، في تلقي رياح تعيد تخطيط الرمال لا جدله او حبس الهواء في قارورات الذائقة الميتة والاختيار الموتور بالانتماء بالهوية المفقودة والتي لا يراد لها الا ان يكون النتائج الإنساني العقلي، مثل: الشعر او الرواية، تعبير جماعة مؤدلج فيما هو انطلاقة الإنسان نحو مجاهيل هذه الحياة معترفا بفقد ازلية ماهو مادي وتهاوى النموذج الأعلى كيلا يستتبع بشهوة الكمال والاستنساخ المقرف كما ان ما هو خاص يتطلب دوما لأجل طروحات مقترحة، عبر الأدب والفن، تعيد تفاصيل الحياة كعموم لا جزيئات في ماهو اعتيادي او مألوف او مستهلك.

وما تحول القصيدة العربية الى مساءلة نموذجها الشكلي او البنيوي (التناظري – التفعيلة – النثري)، لم يقم بسهولة الا بعد تعنتات تعثرت بالذائقة حينا وفقد التراكم النوعي حينا آخر، في مساءلة داخلية لأغراضها او مواضيعها تاليا في تحولات من نسيب او غزل الى حب، كذلك في حال هجاء او مديح او فخر نحو اشكال من الموضوع الدعائي والالتزامي – الحزبي، ومزاجها التعبيري من المناحي القومية، التقليدية والطبقية نحو الأسطوري، التأملي والوجودي كذلك من الخطابية الى النبرة الحميمة.

اذا ما تجاوزنا عقدة الأصل المثارة حول قصيدة النثر (3)، ودعاوى الموسيقى الخارجية والداخلية (4)، سوف نعيد السؤال الى حال علم اجتماع الأدب في نموذج قصيدة النثر، عن سبب تعثر تلقيها، لا نصها ولا شاعرها كانا السبب، بل اسباب اخرى سبق ان كنت منوهاً عنها في مقالة سابقة استعيدها منها:

1 – هجرة الكتاب ومنعه.

2 – الأمية النقدية وتطيرها.

3 – تصحير المدينة وترييفها.

فما يجعل الكتاب يهاجر هو ازمة النشر والتوزيع، مؤسسات وشركات (التي تقدم ربما ما يتكدس طوال السنة على الأرفف) او حتى النوادي الأدبية والثقافية (التي تنتج تحت بند رفع العتب او قليل المشقة ولا يسوق انما يهدي بين اصحابها)، فأين حس خلق حراك ثقافي بين ناشر – مثقف ومبدع ليس مطلباً بأن يحمل هموم التوزيع والنشر كذلك التسويق والتواجد الذي ربما احرق دوافعه فيه، وما عاد يذكر دوره مبدعاً او متسكعاً في مدينة، فهذا الحال يحدث على المجموعة الشعرية لمحمد خضر، المنشورة من قبل دار ازمنة لإلياس فركوح في الأردن، ولم الق من الكتاب سوى نسخ قليلات في مكتبة التراثية ربما كانت مجاملة عرضه المنزوي في رواقها الداخلي حامل الكتب الجديدة، لكنها منزوية ومختبئة.

اما في الأمية النقدية وتطيرها من النصوص الجديدة، فهي الانشغال بهيكل القصيدة والترحم على حياة وشكل جاهزين دون اي محاولة لطرح نقدي جدي حول فلسفة الشعر العربي في القرن الرابع والخامس الميلادي (5) كما يمكن ان يتابع التراكم النصي لمنجز التجربة الشعرية العربي مروراً بالعصر الوسيط (العباسي وما تلاه) والعصور المتأخرة (العصر العثماني وتوابعه) دخولاً في عصرنا الحالي الذي اقفل اول قرونه.

اننا في حال تناولنا للنص الشعري في مجموعة: «مؤقتاً.. تحت غيمة» لمحمد خضر، كواجب وظيفة النقد، إن اراد الخروج من معيارية الحكم ومدرسية الحقيقة، ان تبحث في معناه الإنساني ومقصده التعبيري، فلو قلنا: ان قبولنا غير المعلل، بالقصيدة العربية في شكلها التناظري (المعلقة، على سبيل المثال) سببه العرض المستمر والتكرار الطويل لا لأنه نموذج الشعر الأعلى، فلا بد اننا سنقترح نقيض ذلك ان نقول: محاولة رفضنا لقصيدة النثر او تعسر القبول بها، هو توهم ان للشعر نموذجاً اعلى كما لو كنا نعترف بنموذج شري اعلى، مقدس هو ذريعة تلك المسطرة التي تتحكم في ردع اي شق او مروق على عصا الطاعة الشعرية، بل ان طواعية المعجم اللغة حيث هو خائن دوماً للغة لا حافظ لها، بل هو يبوق لأي ايديولوجيا نقدية، تغطي عجزها المريب والمخزي نحو تلقي ببعض تفهم ومفارصة (أي: اعطاء فرصة)، لأي مقترح نصي يفترض تعاقداً ضمنياً بين منتجه ومستهلكه. حيث انني افترض لو كان ان اكتشفت الألواح السومرية في العصر العباسي، وإذا فهم الأصل المشترك في السومريين والبابليين (على افتراض النفي المضحك من خارج اهل المنطقتين)، لكل من العاربيين والسريان آنذاك هل سننتظر من كتاب تلك الفترة كالجاحظ مثلاً ان يتبجج في مديح العروبة وتفضيلها، تعبيراً عن اعلى مستويات العنصرية الحضارية لحظتها، فيما لو راح مجايله ابو نواس لأبعد من ان يقف عن تغيير الموضوع في شعره بل حتى تحطيم الشكل الشعري وزناً وقافية (المحاكي للغناء في الموسيقى: ايقاعاً وسلماً) واستعادة التوازن الى الكتابة الشعرية بدل الشفوية، والنثرية بدل القولية والكلامية (المقالية والسردية في فنون كتابة العصر الحديث)، والى سعة الأنماط وتعددها الشمولي بدل حصر الشكل الواحد.

فعلاً، ماذا كان سيحدث للتجربة الشعرية العربية؟.

ربما كان للحاضرة (المدينة – العاصمة)، مثل: بغداد او دمشق او القاهرة، معنى وجود وحياة اخريين لكي يكون الشعر تعبيراً عن كينونتها وأسطورتها؟.

ان علاقة المدينة بناسها لا يتوقف عند محيط مواليدها من شهودها او عابريها من الموتى او الملتجئين اليها من اطراف الصحراء ومحاصيل الريف وأعالي الجبل، بل ان عتبة الدخول الى المجموعة الشعرية هذه محط تناولنا المقالي، هي عنوان المجموعة ذاتها: «مؤقتاً.. تحت غيمة»، التي تفتح سؤالاً على المكان والزمن، جدلية حياة الإنسان، ولأكثر تفصيل نرى بأخذه من الزمن مؤقتاً ليوحي بوقفة يتبعها مدى العمر الزمني للغيم الذي تكتنز به السماء لحظة موسم وربما مواسم كاذبة.

يتطلع الشاعر – حيث هو شاعر – الى معنى تأصيل وجودية الكائن، فمن الزمن: التاريخ، ومن الغيم: المطر. كونهما محصلاً حالة المكان والزمان.

كما يقول مقطع من النص الأول: «مؤقتاً.. تحت غيمة» (6)، الذي سوف يجاوز لي ان احد مسارات مقالتي واستشهاداتها، فيما نقرأ التالي: «كنت ابحث عن فضاء (يليق بي) واكتشفت ان الشمس (تقصدني باصفرارها. فاختبأت) كنت ابحث (عن وقت اضع رأسي) في عقاربه وأنام». (ص:7).

كي احدد مسار هذه المقالة، ما يعد تحايلاً نقدياً، فلابد من وضع «جندلة نقدية» عبر امر هادم في اسلوب كتابة المجموعة وآخرين بنائين، هما موضوعتان تستعمران فضاءها – اي: المجموعة – لأول قراءة تلقي مفاتيحها، على افتراض قراءات متعددة كما لأنواع ومدارس نقدية كذلك هي لتراكم التجربة الشعرية مستقبلاً، فالذي تبين لي الآتي:

1 – توشيع (7) ذاكرة المعجم القرآني (أي: اقتراح سياق كلامي اخر للمفردات).

2 – البحث عن الصوت الشعري المنفرد (أي: اقتراح شكل وطابع القصيدة).

3 – اكتناه الالتحام الأفرموي (8) (أي: التطلع الى الاتحاد او الاكتمال الإنساني عبر: امرأة – رجل).

اذا ما رأينا ان حال التوشيع ذاكرة المعجم القرآني، لطرح معادلة في: «التعاقد النصي» ضمنياً بين المرسل – الشاعر من جهة ومن اخرى المتلقي – القارئ – القارئة، هي على مستوى المفردة – الكلمة وما تحمله من معنى بلاغي او افادي. فيما حالة البحث عن دعوى الالتحام الثنوي صورة المرآة الأخرى وحالة البحث عن الصوت الشعري المنفرد، هما على مستوى الموضوعة الشعرية للأولى والخيار الشعري للثانية، المشكلان نوعية الكتابة الشعرية باستثمار عناصرها من جهة ومن اخرى درجات الموضوع المحتمل استنفادها او الإضافة اليها.

ففي حال لو رصدنا عملية الهدم المعجمي عبر تهيؤ لما سيبني، او كما عبرناه ب: توشيع الذاكرة المعجمية القرآنية، نحو اقتراح سياق ادبي اخر او فضاء اخر للمفردة في ادبيتها ومن ثم شعريتها، سنأتي على ايراد امثلة تجابه تلك الملاحظة القرائية، دفعاً لحجة انعدام حضورها المفترضة بالمعجم المشترك للغة الواحدة لمختلف النصوص، مع تباين مكانة نماذجها ومدى حضورها الزمني على مستوى الطقس في انشادية مستديمة او على مستوى المثاقفة في استقرار في شعور باطني، اي اننا بين احالة موحية الى نص آية – تعالق نصي او تناص – او استعارة معجمية موشعة معنوياً:

1 – اطراف ثلج تنسكب – كالتين والزيتون (ص:5). 2 – لفظه الموج.. ارجعه لي (ص:12). 3 – سنعد ما نستطيع من رباط الخيل (ص:21). 4 – رغوة الذاريات (ص:23) -. 5 – والتين والزيتون والشعراء (ص:26). 6 – صراط حميد (ص:41). 7 – سقطنا في سدرة منتهى الكلام (ص:46). 8 – ونغني لحظة البدء او لحظة التهلكة (ص:46). 9 – يغشاهن منه شيء (ص:50).

اذا اردنا مقابلة تلك المرصودات النصية من نصوص المجموعة الشعرية، سوف اوالي استدعاء ما كان صوب استعارة مفردة او احالة نصية الى آية، كالآتي:

1 – والتين والزيتون (التين:1). 2 – وحال بينهما الموج (هود: 43). 3 – وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل (الأنفال 60). 4 – والذاريات ذروا (الذاريات:1). 5 – والتين والزيتون (التين:1)، والشعراء يتبعهم الغاوون (الشعراء 224). 6 – اهدنا الصراط المستقيم (الفاتحة:6). 7 – عند سدرة المنتهى (النجم:14). 8 – ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة (البقرة: 195). 9 – يغشاه موج من فوقه موج من فوقه (النور:40) (7).

اذا اردنا ان نضع ملحوظة نقدية على حال انبسطت لديكم، من خلال رصد محايث يتلمس تلك المحاولة الأدبية لا حصرها، فيما الفت اليه من عملين نصيين في داخل توشيع ذاكرة المعجم القرآني، سواء استعارة مفردة او احالة نصية الى آية، كيلا نكون عازلي تلك العملية الأدبية – الناقدة دون حياد صوب شكل الكتابة جراء تلق -، سوف نلفت الى حال موفقة شعرياً، في وضع المفردة، مثل: التهلكة او عبارة كنائية، مثل: سدرة المنتهى، عبر اقتراح سياق لا يتوقف عند مجرد استخدامها بل في تركيبها النحوي الجديد كذلك فرصتها المعجمية الأخرى لتتحرك في بنية الجملة او القصيدة – النص، كما هي مفردة: «التهلكة» من سياق: «ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة» من رمزية النهاية الفاجعة مصيراً محتماً في منطقية الحكم الأخلاقي الذي تفترضه الآية نحو افتراض مقابلة بلاغية خلاقه في السياق الشعري الآخر: «ونغني لحظة البدء او لحظة التهلكة» (ص:46)، كما سوف نرى في تفكيك العبارة الكنائية: «سدرة المنتهى» رمزية الخلود لروحانية الكائن، كما تعني تلك الشجرة – شجرة نبق – يمين العرش السماوي مستقر لا يتجاوزه الملائكة كما تعطينا الوصفية للملاك جبريل سواء في سردية حال الوحي او في سردية الإسراء والمعراج (النجم: 4 – 18)، منتقلة صوب حال ايروتيكية تتباين بين الحضور في حركة الجسد والغياب في جسد الكلام، وما افلات كلمة: المنتهى من حال التعريف (بأل) نحو النكرة: «سقطنا في سدرة منتهى الكلام (ص:46)، الا تعميقاً لانفلات قيد الكلام: «من ملح البكاء (من طحالب الأعماق) من عرق الظهيرة – من سراب يتكون نهر الرغبة(..)في مفازة اللحظة الحاسمة..» (ص:46). فلا استغرب بعدها او حينها ان تكون التجربة الإنسانية خلف هذا التفجر الناجح لتوشيع ذاكرة المعجم القرآني، لنقلها من سياق الى آخر عبر ما هو ادبي، وعبر نص واحد احتوى تلك الكلمة والعبارة الكنائية من حال النص – الذاكرة الى حال النص – الكتابة: «اغنية الآثام» (ص: 45 – 46)، فيما سنخفي بعض تحسر لإمكانية كبرى لاستثمار حال توشيع ذاكرة المعجم القرآني في منطقة نص عبارته: «التين والزيتون والشعراء..» (ص: 26) نحو ما سوف يتيح للقراءة النقدية استثمار طاقتها المعرفية ومهارة التحليل عبر نقد غنوصي (التحليل الباطني للكتل الرمزية في اي نص) يطلقنا الى مجاهل عدة، لا اعتقد اننا حصدناها في لحظة من النص الذي وفقنا اليه كما توفق الينا

  .. هنا نخرج في ملاحظة إشارية لتلك العملية الأدبية الأولى من توشيع ذاكرة المعجم القرآني، من كون الأب الشعري، سواء في قلق التأثر والانحراف الشعري أو عقدة أوديب وقتل الأب، قد تحول من مستوى الكائن أو الشخصية الشعرية إلى الحالة النصية أوإمكانية اللسان البشري ومساءلة وظائفية اللغة ومقدرة مستوياتها التعبيرية والكتابية – لا الشفوية فقط – على مستوى معجمها الزماني لا معجم التجربة الشعرية العربية – ربما الإنسانية سواء بالترجمة أو بأصل لغة وثقفتها – التي تنضوي ضمنياً في: «الواعية الشعرية» للشاعر – كاتب النص مثير إشكاليته.

.. بل إننا سوف نلحظ أيضاً في مفهومية النص الشعري – المكتوب، قيمة تتحول من إطار: الإيقاعية المباشرة والنغمية الهادرة، كما في شعر التناظر الوزن والتقفية أو التفعيلة الانتظامية، صوب ما يعقد عليه النص المكتوب، وهما الإجراء المعجمي (توشيع السياق والمعنى) والنحوي (التركيب والوظيفة)، نظراً لاستخدام: «أقل قدر ممكن من علامات الوقف، أو تلك التي لا يستخدمها (النص) على الإطلاق (كما) تتميز بهذه الإجراءات بعض أشكال الشعر المبهم (غير المباشر أو الغامض) و(قصيدة) النثر التي تتحدى تقاليد الكتابة (10)، وهذا ملحوظ في الصفحتين التي تحمل نص القصيدة موضع المثال والدراسة: «أغنية الآثام» (ص: 45 – 64).

.. لماذا هذا الكلام كله في النقد أو تلك الملحوظة النقدية التي جاوزتنا نحو ذروة مثال لأول مفاتيح قراءة المجموعة الشعرية بعينها، التي سوف تعيدنا إلى استعادة إحدى جملتين في البداية عن طرح بيانه الشعري ضمنياً نحو ما كرره مراراً من شكل الجملة – القافية: «لن أبدأ شيئاً يفنى»، في نص: «مكنسة ونصف موج» (ص: 9 – 16)، حيث تكررت تلك الجملة/ خمس مرات/ تعبيراً عن أول خطوة تتذرع بهاجس البحث عن الصوت الشعري المنفرد أو النص الشعري الخاص، لكن تناولها سيكون لاحقاً.

.. هنا سوف نصل إلى المفتاح الثاني والثالث متقاطعين، في القراءة أو ما أسميناه عبر: «الجندلة النقدية» بحثاً عن الصوت الشعري الخاص واكتناه الالتحام الأفرموي، عبر حركة التنويع الشكلي في كتابة النصوص، أو اقتفاء هيكلة نصية لبناء القصيدة سوف نلحظه كالآتي:

1- النصوص الطويلة (بعضها متفاوت): مؤقتاً.. تحت غيمة، مكنسة ونصف موج، رغوة الذاريات، ما تيسر من سيرة الحطب، واقفون في شتاء غاضب، هكذا قلبنا الكراسي، محاولات لتسميتها، الرياح التي لا تقال، إليك أينما كنت (مرثاة جميلة)، أغنية الآثام، شمالاً باتجاه امرأة، هن، أتيت ولم أجد أحداً.

2- النصوص المجزأة: شاهد يقلم أظافره (سبعة مقاطع مرقمة وخمسة مقاطع مفرعة العناوين)، بخور النافذة البعيدة (عشرة مقاطع).

3- النصوص القصيرة: بحر قليل/ 24 نصاً (القصيدة – الشذرة).

.. من خلال محاولة تتحايل لقبض خيوط ذينك المفتاحين، في مؤامرة: «الجندلة النقدية» عبر تناول المجموعة الشعرية، سوف أقف عند حالة متوترة وموحية – إن لم تكن ملهمة للمقالة ذاتها -، في هيكلة النصوص المجزأة التي سوف تساعدنا تمثيلاً لهذين المفتاحين.

.. إذا ما تقرينا نص: شاهد يقلم أظافره (ص: 17)، سوف نراه رصد للحالة وإعادة مناثرتها قصصياً، دون ولوج في مباشرة السرد إنما الانتظام الشعري، من خلال استدعاء آخر مقطع معنون: «بدء يتلاشى» لنر: «بدء يتلاشى: ما أروعنا ونحن نتغلغل /في السرد/ دون محراب/ ما أروعك وأنت تتعبين الشاطئ بالقرفصاء» (ص: 22).

.. ثمة ما لا بد من التوقف عنده، وهو الحرث الكلامي «لأجل شعرية مبحوث عنها عبر الكائن المفترض الاتحاد معه اكتشافاً للذات المنفصلة، في معجم المعنى هو شائك أو ربما وعورته أن يستنطق الحالة جاعلاً من المفردة تنتقل بين حال المشهد وشهوة الكلام عليه في لغة تصدم حال الإنشاء أو المباشرة في أسلوب: التعجب بحال المعاني الموحية عبر الحرف والظرف (في، دون) أو الضمائر (نحن، أنت)، مستعيناً في حال معنى المصاحبة: في السرد امتداداً، دلالياً لضمير المتكلمين: نحن نتغلغل، مقابل الاستثناء – أي: دون بمعنى من غير – الطقوسية: دون محراب (رمزية سلطة التقاليد) التي تحيل إلى ألم الانفصال ضمن مفهوم الوحشة الفردانية في ضمير المخاطبة: وأنت تتعبين. إمعاناً يعيدنا إلى استفقاه معنى العنونة الفرعية: بدء يتلاشى، أي: أن اللقاء لا يوصل إلى الالتحام الأفرموي، كما يعيدنا المقطع كله إلى مقطع البداية للنص مجملة: « -1-/ المرأة التي لقيتها/ تتلو زمن التلوث/ والأمسيات/ ونشأتها المتعبة/ والضباب يدغدغ ذل العصور» (ص: 17).

.. بهذه الوصفية لسيرة امرأة، سواء متخيلة من واقع أو مبتكرة من تراكمات حلمية، تعيدنا إلى حال من المشهدية الصامتة التي رسمها آخر النص المجزأ، الذي تجعلنا هذه الموضوعة التي تقبضنا وهم قبضنا إياها تركيزاً واختزالاً للمقاطع الأخرى، في عبارة: «ما أروعك وأنت تتعبين الشاطئ بالقرفصاء»، تتيح لنا مقارنة بين اكتناه لهذا الالتحام بالكائن – النصف الآخر ربطه في مأزق لغوي بين المفرد/ المنفصل إزاء الجمع/ المكتمل، لكنه للحظة تفرط الحسرة الآدمية في صيغة ذكورية يجسدها نص الشاعر – ذكورياً مقابل أن لو ذهبنا إلى نص شعري آخر يرسم مشهده إنشادية أخرى تعزز من المفترض والمتوهم أجلى من العنصر الصدم الاستشرافي لوقع إنهاء النص كما سنرى في نص أنسي الحاج:

«وأنت/ أيتها المطلة علي من أعماق عينيها/ يا امرأة السنابل/ يا شفير هاويتي/ تخترعين لي الحياة كلما انتهت، وعلى الشاطئ المهجور تجلسين لترقبي/ طلوعي من البحر/ قارة صغيرة كظلك/ لا نهائية كظلك/ قارة لانتصار الحياة/ حدودها انتظارنا/ وقلبها وحدك: يا حرية»(11).

.. إذا ما اعتددنا الإحالة إلى كل ما هو مؤنث سواء ما استدعت حالة التوالي النصي في الخطاب الشعري لأنسي الحاج حتى الوصول إلى ذروة المفاجأة بكسر التوقع في ذروة التصاعد مع النهاية الصارخة: يا حرية، خارج إلى ما هو رمز يتطلع أو هو افتراض أن يعادل بين ما هو مؤنث – امرأة وما هو أمنية أو كفاح نحو مؤنث باللفظ: حرية. كمثل لو كانت المرأة أرضاً في ولادتها أبناء الحضارة، فيما حدد «الحاج» خطابه يكون المؤنث المشتهى وطناً يرتضى به وتعقد عليه شهادة الحياة كما سوف يحثنا مطلع نص: «يا شفير هاويتي» مستدعين منه الآتي: «كرهوا أمة لأنها تبتسم فراحت تضحك/ وقتلوها لأنها تضحك فأخذت ترقص/ ومزقوها لأنها ترقص/ فراحت عيناها تغصان بالوعود وشعشعت نوافذها. قطعوا يمناها عن يسراها لأن يديها قلب العالم»(12).

.. كما يصل محمد خضر إلى رسم خارطة هذا البحث عن الالتحام الأفرموي وتصعيده الاحترازي؟.

.. ربما يكون ذلك عبر تداعات الإحالة بين ما هو مؤنث ممتنع عليه وما يمكن أن يسعه رمز في تفاصيل الجغرافيا وعلائم الحياة التي أمامه حين يحيل إليها: «حكت عن نبوءة الحقل/ حكت عن سماء مجردة» (ص: 18)، إلى أن تتعالى المسألة خلوصاً من مأزق انفراد الخيال لا الحقيقة، الذي يجمعه بها: «البلاد البعيدة مبدأنا/ التقاء النهرين/ على مفترق العشب» (ص: 17 – 18)، فتتحول الإحالة في ومضة انحراف ممكنة، لتعدد مشغولات الذهن وترابطها بالتشابك هواجس (أجاج الرغبة الممتنعة) والتقاطع تفاعلاً (تحرر العلائق الإنسانية)، نحو المرأة – القصيدة وأزمة معاناتها مع الأمية النقدية في لحظة هجاء مر وساخر في نفس الوقت يعتبر، إذا ما تجاوزنا مسألة الاختلال المفترضة التي جبرتها طريقة تجزئة النص وأنجتها من تعسر التخلص من تفرع زوايا الموضوعة وتشظية الإحالات، من تألقات النص كون صاحبه يأخذنا إلى تأكيد بحثه عن صوته الشعري المنفرد واضعاً فاصلاً بينا ما راح وما سيأتي، إتماما لمسألة تضمين البيان الشعري داخل عجالات نصية توثق علاقتها بالعنوان الساخر للنص: «شاهد يقلم أظافره». إذ هي انعكاس للحالة الاجتماعية (أو السياسية أو الدينية أو الاقتصادية) بكل تشظياتها عبر ما هو تربوي وما هو ثقافي ف يهذه الأهجية البديعة: «فضاء: بحضرتها جاءنا رجل روحه عارية/ حكى عن الأبعاد والبغايا/ وموت المؤلف/ والغرب/ والعولمة/ تكلم حتى تعب/ وذاب في المجتمع/ رأيناه فيما بعد/ يبحث عن سائح يشتري الكلمات..» (ص: 19 – 20).

.. إن غياب المنهجية واختيار الموضوعية كما هي عشوائية جمع المواضيع (أو المصطلحات) متعددة الحقول المعرفية وانعدام لون لذلك المتكلم – أياً كان في مصطلحنا المعاصر -، الذي ما عاد يعرف ماؤه إن كان ناقداً أدبياً أو مصلحاً اجتماعياً (أو داعية) أو اقتصادياً، ربما تعطي كل هذه الصفات المجتمعة عن مكونات لنموذج المثقف المحلي (دون تعميم أو تعريض)، الذي تواجهه القصيدة أو الشعر كما الشاعر أو الشاعرة. على أن تناولاً آخر لهذا المقطع ذاته من النص مجمله ذهب إلى معنى آخر غير ما رحنا إليه(13) إلا أننا في قراءة أنه يذهب إلى النقاد لا الشعراء تبيح لنا افتراض جبهات تتراخى وتتبدل في استراتيجية النص بين الهجوم والدفاع كما أن شاعرنا محمد خضر يهجس أو يتوسل الاحتراز ممن يتلقون نصه نقاداً – أو ربما قراءة في المجمل – كذلك نرى شاعراً اخر اعتنى أن يوجه أهجيته إلى الشعراء لا النقاد ذهاباً إلى تكثيف لحظة تفاصيل تتباين في النوع والدرجة جاعلة من البنية لشكل الجملة – المقطع تتكرر مرتكزة إلى عنصر النغمية العمياء ومحيلة إلى علائق مفترضة في لحظة مثاقفة: «-1-: أكرهوني على سماع شعرهم/ مزقت ذبذبات مرت بأذني. -2-: أكرهوني على سماع كذبهم/ خجلت مما لدي وجمعت حزني. -3-: أكرهوني على قراءتهم/ قهرت، ولم أعبأ، فقدت أمني. -4-: ما هيئوني لتقبيل شمسهم/ حضرت بروحي فقلت: إني..»(14).

.. إذا ما كانت بعض المقاطع الأخرى في نص: «شاهد يقلم أظافره» تحتاج إلى مداخلات نقدية من زوايا أخرى لكي تلقى ذريعة تناولها متاحة إلا أنني طوع ما التزمنا به، صوب منهجية: «الجندلة النقدية»، تحدد مسار هذه المقالة المفاتيح التي استتبعت بعضها وتقاطعت ملهمة إيانا كي نصل إلى النص الثاني من دائرة النصوص المجزأة ولاذي يعيننا لاستثمار ما ألقيناها من شباك نقدية وجدناها في مناخ المجموعة الشعرية: بحثاً عن الصوت الشعري المنفرد من جهة ومن أخرى اكتناه الالتحام الأفرموي إذا ما كان الأمر الأول قد علا في النص السابق لعلنا بقدرة ما يسعفنا أن يتحقق للثاني من أرضية في تضاعيف النص التالي: «بخور النافذة البعيدة».

.. إن أول رابطة واهية نتلمَّسها هي استفتاح النص في أول مقطع مرقم: 1، بمفردة: الشواطئ في صورة جميلة من قلب الاستعارة في البلاغة الكلاسيكية – ربما ما هو أقل من صفتها -، «الشواطئ مُتَّكأ الغضب» سوف تحيلنا رمزية الماء في حال أمواجها الهادرة ورمزية المتكأ علامة على إسقاط صفة بشرية: الغضب على علائم الطبيعة: الشواطئ. في موضوعة الخصوبة (من الماء) إن كانت للأرض في ربيعها كما للشاعر في مجاز اللغة، التي نراها تتجلى حتى نهاية النص مروراً باستدعاء حال شهوة الاكتمال مع المنفصل – المرأة: «التوحد، الالتحام المبارك» (ص: 41)، صوب ما سيفعلانه: «في الضحى/ سوف نحزم حقائبنا/ ونرحل للنبع» (ص: 42). كذلك توحي موضوعة اختراق المألوف (الغضب المتكئ على الشواطئ – بحثاً عن الصوت الشعري المنفرد – كما توحيها لنا حالة نابهة: «مرة وأنا أدرس اللغة/ فاجأتني ميم النسوة» عندما يكسر توقع ذاكرة النحو المنبثقة في ذهن القارئ/ القارئة: «نون النسوة» إلى سكِّ مصطلحه البديل: «ميم النسوة»، الذي يؤكِّد تطلعه إلى اقتراح الخصوبة الشعرية عبر الميم، رمز الأم في اللغة البدئية، خارج العنصرية الذكورية في اللغة التي توقف للنسوة: نون. كذلك في إحالته إلى امرأة تشاركه الذهاب إلى ذلك صوب النبع كما استشهدنا أو حتى المقطع الرائع: 7 في منتصف النص: «النهر مرجعيتنا الأبدية»، كما لو كان المرور بالنهر أكثر من مرة لا يضير (15) لأنه متجدد ومجدد في حال انقطاع الزمن به إلى زمن آخر، هو زمن الشعر كما هو زمن اللغة كذلك أن نرى زمن الحبر هو زمن النهر على افتراض تلك العودات الحلمية إلى حال الكائنية الروحانية – الإلهية للبشر في ثنويات تتوحد المرأة – الرجل نحو الإنسان – الإله، النهر – البحر نحو الماء – السماء أو بلغة أخرى: «إن تنوع الألسنة يقاوم إغراء التوحُّد مهما بذلنا من جهد لاحتوائها أو لإدراجه في شمولية ما، ومهما كان توقنا إلى مبدأ النقاء البدئي الذي عود بنا إلى عهد آدم حيث لم يكن هناك سوى كلام واحد هو كلام الخالق» 16). كما يوحيه لنا المقطع السابع من النص، فهو الآتي: «-7-: اليوم يستقرُّ اللظى/ تبكي الشرائع/ بين رَملينا/ نبحر في المدّ والجزر/ نبدأ حوار الحضارات/ النهر مرجعيتنا الأبدية/ التوحُّد، الإلتحام المبارك/ بالدم والزيت والبخور/ مُرادنا الجديد» (ص: 41).

.. حيث يقترح النص عبر مفرداته إحالات مفترضة أو متحققة في معجم النص حصراً كما لو رصفناها متقابل -، أيْ: اللفظة وإحالتها – كالآتي: اللظى = الشهوة، الشرائع = التابو/ الحرام، النهر = ماء الحياة، لكنه يوقع إحالته في انتقال مفاجئ صوب ما يحاكي الإنسانية ابتعاداً عن السقوط في اللحظة الهاربة من اللعنة والعلائق الموبوءة بحرامها، أي من الخاص نحو العام: «حوار الحضارات/ المرجعية الأبدية/ الالتحام المبارك/ المراد الجديد».

.. إذا ما أتيح للشاعر بعد التخلص من عبء التراث عن عناصره الميته (الحياة الجاهزة: شكلاً ولغة)، واستثمار عناصر أخرى ممكنة الاقتراح عبر: اختراق سياقاتها المألوفة وإضافة – لا استعادة أو تكرار – إلى ما يفترض تأهل قبوله في التجربة الشعرية، إن عربية وإن محلية: سعودية، لأجل الدفع بتلك التجربة الشعرية نحو ما يؤمل منها أو يمكن أن تعدنا به نحو خطاب شعري إنساني لا يتذرع بشائن ماضيه بل بكوثر القادم.

الهوامش

٭ من مقدمة المجموعة الشعرية الأولى: لن، انسي الحاج، دار الجديد – 1994، ط:3 (الطبعة الأولى: 1961).

1 – مؤقتا.. تحت غيمة، محمد خضر الغامدي، دار أزمنة – 2002.

2 – اشكالية قصيدة النثر في السعودية، صالح معيض الغامدي، مجلة علامات: ملتقى قراءة النص – 4، يونيو – 2004.

3 – الم يسأل احد عن اصل المعلقة ام نزلت من السماء؟. انظر من الشفاهية الى النقد التاريخي، سعيد الغانمي، مجلة عيون – 7، السنة الرابعة – 1999، ص:37 – 54.

4 – هل كان السؤال عن العروض في الشعر او الموسيقى في ميزانها الإيقاعي والقافية – او ضبط الروي – او درجة الركوز – او التسليم – في المقام اي: السلم الموسيقي؟.

5 – ما يسمى خطلا بالشعر الجاهلي على انه بالإمكان تسميته في اطار ثقافة الممالك العربية الأولى ما بين القرن الثالث والخامس الميلاديين.

6 – سوف اذيل المقاطع المستشهد بها بأرقام صفحاتها.

7 – وشع: فعل الذات الذهنية، نحو مزج الشيء بالشيء او خلطه، والوشع: بيت العنكبوت. اما المعنى المراد، هو تحويل تلك الحالة المعنوية الى تشابك عنكبوتي من المعاني التي توحي ولا تنتهي.

(8) الأفّرَمويُّ: نحتاً من إرمافروديتوس. ابن هرمس: رسول الآلهة، وابن أفروديت: إلهة الجمال والحب. توسلت آلهة الماء عندما رأت ابنهما يستحم في ينابيع الماء التي تحرسها، ليمنحوها نعمة الاتحاد به. راجع البيان الحجري: وظيفة الأدب وتعليله/ منهج نقدي مقترح، أحمد الواصل، جامعة الملك سعود – كلية الآداب، مخطوطة جامعية – 2004م.

(9) ثمة هناك ما يفوق سبعة عشر استخداماً لجذر كلمة: غشى. في النص القرآني الكريم. انظر المرشد إلى آيات القرآن الكريم وكلماته، محمد فارس بركات، دار قتيبة 1985، ص: 356، لكنني اخترت ما هو قريب ومتشابك إلى المعنى الذي يفترض أن يكون عليه النص الشعري.

(10) إنسان الكلام: مساهمة لسانية في العلوم الإنسانية، كلود حجاج، ت: رضوان ظاظا، المنظمة العربية للترجمة – 2003، ص: 123.

(11) الوليمة، أنسي الحاج، شركة رياض الريس – 1994، ص: 27 – 28.

(12) الوليمة – الحاج، المرجع السابق، ص: 20.

(13) كما يقول الناقد الفاضل صالح معيض الغامدي، مقدِّماً لإيراد المقطع بما هو تال: «وللنظر في النص التالي الذي لا أخاله إلا معبراً عن محنة المبدع وعزلته واغترابه، وربما عن مبدع قصيدة النثر في بلادنا خصوصاً..»، ثم يورد النص مع حذف رقابي لسطر: «والبغايا». التساؤل الذي افترضه من خلال قراءة لمواردة المصطلحات التالية: «الأبعاد (الهندسي مثلاً)، الغرب (إزاء الشرق أو الإسلام)، العولمة..» تحيل إلى شؤون لا تخص معجم الشاعر أو الروائي (أو أي فنان أو أديب) قدر ما تروج عند فئة تعيش عالة على النص الإبداعي، إن شعراً وإن رواية، إذن من هم هذه الفئة من أهل الكلام والقول؟. دون ما حاول الناقد – الذي أجله عارفاً قدر علمه – صالح الغامدي، التوصُّل إليه من افتراض أن يكون المقصود: «مبدع قصيدة النثر» – على حد تعبيره -. انظر: إشكاليات – الغامدي، المرجع السابق، ص: 326.

(14) جموع أقنعة لبوابة منفى العاشق، أحمد الواصل، دار الكنوز الأدبية – 2002، ص: 36 – 39.

(5) هنا إحالة إلى عبارة الفيلسوف هيرقليطس: «ليس بإمكاننا أن ننزل مرتين في نفس النهر»، الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقي، فريدريك نيتشه، ت: سهيل القش، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – 1981، ص: 108.

(6) إنسان الكلام – حجاج، المرجع السابق، ص: 29.

تعليقات

الأكثر قراءة